• ١٩ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ١١ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ
البلاغ

طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو!/ ج4

نــزار حيدر

طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو!/ ج4

المجانين فقط هُمُ الذين يتوقّعون أَنْ تُجري (العصابة الحاكمة) تغييراً حقيقيّاً وجذريّاً في وضع البلاد، فبعدَ أن استحوَذوا على كلّ شيء ليس من المتوقّع أبداً أنّهم سيحقّقون تغييراً ما ويُنجزون إِصلاحاً ما لصالح المواطن على حساب امتيازاتهِم التي مكَّنتهم من السّلطة والجاه والمال والإعلام والمؤطّرة بِاسْمِ مصلحة الدّين والطّائفة، أياً كانت سواء المذهبيّة منها أو الاثنيّة!.

حتّى قانون (العفو العام) الكارثة فصّلوهُ على أَنفسهم لحمايتها من كلّ أَنواع الجرائم الكبيرة والعَظيمة التي ارتكبوها لحدّ الآن بحقّ العراق وشعبهِ!.

فعندما يصوّت مجلس النوّاب على النّسخة النهائيّة التي أمامهُ، ستُسقط (العصابة الحاكمة) كلّ التّهم عن نفسها، فلم يعُد في العراق أحدٌ منهم مُلاحق بتهمة الإرهاب والفساد والفشل على حدٍّ سواء، وهو شيءٌ يحدث في العراق (العظيم) فقط!.

البعض يبرّر بقاء (العصابة) في السّلطة بذريعة [إنّ اللصّ الذي تعرفهُ أفضل وربما أأمن من لصٍّ لا تعرفهُ] فهذه (العصابة) التي ملأت جيوبها بالسّحت الحرام سوف لن تفعل أكثر مما فعلت لحدّ الآن! فلماذا نفكّر بتغييرها وكنسها من السّلطة؟! فربّما يخلفها من هو أسوء!.

دعونا، إذن، يحكمنا السيّء فذلك أفضلُ لنا من الأسوء!.

طبعاً، فإنّ مَن يروّج لهذه الفكرة هم بالدرجة الأولى، ذيول (العجول السّمينة) المستفيدين منهم، من الأبواق والنفعييّن والمصلحيّين والوصولييّن، وأَضرابهم، فهؤلاء يروّجون لهذه الفكرة منذ مدّة لحماية (العصابة) وبالتّالي لحماية أَنفسهم ومصالحهِم! كما فعل بعض الذّيول عندما ظهروا علينا في الفضائيّات ساعينَ إلى إِقناع العراقييّن بخطورة حرمان القائد الضّرورة من (الولاية الثّالثة) قبل أن يتمّ القضاء على الإرهاب! والذي تمدّدت فقاعتهُ زمن الموما إليه! وهو الأمر الذي فسرهُ البعض كسببٍ لتغاضيهِ عن تحذيرات أكثر من طرفٍ من مغبّة سقوط الموصل بيد الإرهابيّين وقتها! ليقاتل بهِ من أجل السّلطة!.

إنّ أصحاب هذهِ النّظرية يفترضونَ إنّ طالب المال سيشبعُ يوماً، إذا كان بالحلال! فما بالُك إذا كان بالحرامِ؟ كما هو شأن (العصابة)؟!.

 كما إنّهم مسكونون باليأس، فضلاً عن أنّهم يفترِضون إنّ كلّ ما موجود في العراق هو فاسدٌ وفاشلٌ! وهو حكمٌ ظالمٌ لا ينبغي لعاقلٍ راشدٍ التورّط به والتّرويج لهُ! فربّما غذّتهم به دعاية (العصابة) من باب [لو عمّت هانت]!.

نعودُ إلى صلب الموضوع؛ فعندما يقول الخطاب المرجعي [لقد بحّ صوتنا] فهذا يعني أنّهُ يئِس من إمكانيّة أن تُبادر (العصابة) التي اختطفت البلاد والعباد لصالح مصالحها الشّخصية والحزبيّة والعائليّة الضيّقة، إلى تَغْييرِ شَيْءٍ ما في الحال المُزري الذي يعيشهُ العراق اليوم!.

لقد سعى هذا الخطاب الوطني والحكيم إلى تحقيق التغيير المرجو في الانتخابات النيابيّة الماضية، إلّا أنّ (العصابة) فسّرت المفهوم والمصطلح بما يضمن لها العودة من الشّبّاك بعد أن طُردت من الباب، الأمر الذي اضطرّ المرجع الأعلى إلى أن يتدخّل بشكلٍ مُباشر لتحقيق التغيير الذي جاء شكليّاً وللأسف الشّديد بعد أن تآمرت (العصابة) لإفراغ المفهوم والمصطلح من محتواه فلم يبق مِنْهُ إلّا الشّكل المشوّه!.

حتّى أكثر الأطراف (تطرّفاً) في التمسّك بالخطاب المرجعي! أو هكذا بدا للبعض، عاد من الشبّاك بنفس الوجوه المحروقة التي لم تجلب الخير للعراق! فما بالك بالآخرين؟!.

وعندما دعا الخطابُ المرجعي إلى الضّرب بيدٍ من حديدٍ في الحربِ على الفسادِ، لم يتمكّن السيّد رئيس مجلس الوزراء من حمل هذه اليد لأسبابٍ عديدةٍ ربما ستسنح الفرصة يوماً لسردِها وتوضيحِها، ليتبيّن لنا اليوم وبعد مرور أَكثر من عامٍ، إنّهُ يحملُ يداً خشبيَّةً، لا يمكنها بكلّ تأكيد أن تهوي لتكسر يد الحديد التي تحملها (العصابة الحاكمة)!.

وهكذا ضاعت الفرصة مرّةً أُخرى!.

واليوم تضيعُ كذلك فرصة الإصلاح الحكومي بعد أن أشغلت (العصابة) الشّارع بصراعاتٍ وهميّةٍ جديدةٍ صفّرها القضاء بعد أن عبَرت بها (العصابة) الأزمة سالمةً غانمةً [والحمدُ لله ربِّ العالمين].

تعالوا أيّها العراقيّون نيأس أوّلاً من هذه (العصابة) فلا ننتظر منها أيّة مبادرة للتّغيير من الآن فصاعداً، ولا نصغِ لها بعد أن تبيّن لنا إنّ كلّ خطاباتها فارغة ووعودها كاذبة ومشاريعها وهميّة! وأنّها أعجز من أن تنتصر على نفسِها!.

من جانبٍ آخر، تعالوا نبحث سويّةً عن طرقٍ جديدةٍ لإنجاز التّغيير الحقيقي، والتي برأيي تبدأ من تغيير مجلس النوّاب، كونهُ المؤسّسة الدستوريّة الأهمّ في نظامِنا السّياسي الديمقراطي، فهو المسؤول عن؛

أَولاً؛ تشكيل الدّولة ومؤسّساتها بعد كلّ انتخاباتٍ نيابيّةٍ، فمنهُ تنبثق الرّئاسات الثلاث والفريق الحكومي بالإضافة إلى الهيئات المستقلّة والمؤسسات والبعثات الديبلوماسيّة وغير ذلك الكثير.

إنّهُ إِذن القلب الذي ينبض بالحياة ليفيض بها على كلّ الدّولة ومؤسّساتها!.

ثانياً؛ التّشريع وسنّ القوانين، سواء مشاريعها التي يتقدّم بها مجلس الوزراء أو التي تتقدّم بها لجان المجلس أو المجلس ذاته!.

ثالثاً؛ الرّقابة، وهي من أَهم وأعظم المسؤوليّات والواجبات الدستوريّة على الإطلاق.

ولازال مجلس النوّاب بتركيبتهِ الحاليّة، لا يمكن على الإطلاق تحقيق التغيير المرجو والإصلاح المطلوب.

ولا ننسى أَنّنا بحاجةٍ إلى تعديلاتٍ دستوريّةٍ مهمّةٍ ينبغي إنجازها، ولا يمكن ذلك بالتّركيبة الحالية للبرلمان!.

إذن؛ ينبغي أن يكون هدفنا في الفترة المتبقّية للانتخابات النيابيّة القادمة هو فعل كلّ ما يلزم لنساهم في ولادةِ برلمانٍ جديدٍ بمعاييرَ ومقاسات وتركيبةٍ جديدةٍ!.

 كيف؟!.

ارسال التعليق

Top